حكم مدنــي

تاريـخ الحكــم : 5/12/1996

السـادة

هيئة المحكمة : – محمد بن مخلوف:   رئيــس

– التيجاني عبيـد  :   مستشـار

– محمد البرشوشي:   مستشـار

– التيجاني مفتاح  :   كاتــب

المبـدأ :

1/ إذا ظهر بعد التسليم والتمكين من العين أن المبيع أقل من مساحته المبينة بالعقد فإنه بإمكان المشتري القيام على البائع وفقا للفصل 626 من م.أ. ع. طالما تبين أن النقص في المساحة يفوق نصف العشر وهذا الشرط يعمل به إذا لم يكن منافيا للعرف ولم يحصل تراض بين البائع والمشتري على خلافه.

2/ تنازل المشتري على حقه في المطالبة بالتنقيص من الثمن تراضيا منه والبائعة على إستبعاد الأحكام المتممة للمادة 626 من م.أ. ع. هو بند صحيح قانونا.

3/ حق المشتري في فسخ البيع أو في تنقيص الثمن يجب القيام به في إثناء السنة من التاريخ المبين بالعقد  لإبتداء تصرفه في المبيع وإلا فإن السنة تعدّ من تاريخ العقد والسكوت عن ذلك في المدة المذكورة يسقط به الحق طبق الفصل 629  من م ا ع وهو أجل سقوط لا يقبل التعليق ولا القطع.

عــ95ــدد القضية :

المستأنــف:

………………….. حرفته عدل منفذ مقرّه بنهج عمارة أنيس صفاقس

نائبه الأستاذ عبد الحميد عميرة المحامي بصفاقس.

المستأنف ضدها : شركة ………. شركة خفية الإسم في شخص ممثلها القانوني مقرها بمفترق 5 أوت عمارة الكافرفور صفاقس.

نائبها الأستاذ التوفيق الزواري.

طلب الإستئناف :

قدم بتاريخ 6/8/1996 حسب الوصل عدد 119000 من الأستاذ عبد الحميد عميرة.

موضوع الدعوى الإبتدائية :

حيث عرض نائب المتسأنف بوصفه مدعيا في الأصل أن منوبه إشترى من المستأنف ضدها بموجب عقد مؤرخ في 3/10/1990 والمسجل في 29 ديسمبر 1990 جميع المكتب عدد 1 الكائن بالطابق الثالث من عمارة أنيس الكائنة بنهج حفوز مساحته الجملية تبلغ 76 مترا مربعا ثم أنه وبموجب عقد بيع ثان مؤرخ في 3 و 10 مارس 90 ومسجل بالقباضة المالية في 29/12/1990 اشترى جميع المكتب عدد 5 الكائن بنفس الطابق الثالث مساحته الجملية 21 مترا مربعا وبعد التقسيم التام بواسطة ديوان قيس الأراضي ورسم الخرائط المتعلق بكامل العمارة إلى طوابق وبشقق تبين من شهادات الملكية الصادرة عن إدارة الملكية العقارية أي المكتب الأول اعتراه نقص قدره 17 مترا مربعا بحيث أصبحت مساحة العقار 59 مترا مربعا فقط بينما اعترى المكتب الثاني نقص قدره متران مربعا فتكون جملة قيس المساحة الناقصة (6.863.229) دينارا طالبا الحكم بإلزام الخصيمة بأن تدفع لمنوبه:

1/ ستة آلاف وثمانمائة وثلاثة وستون دينارا ومليمات 229 (6.863.229) بعنوان ما قبضته بدون سبب عن الأمتار المربعة الناقصة.

2/ الفائض القانوني من تاريخ العقد إلى الخلاص النهائي بعنوان غرامة مماطلة.

3/ أجرة محاماة

الحكم المطعون فيه:

(حكم مدني عدد 2221 صادر في 22/4/1996)

والقاضي نصه : قضت المحكمة إبتدائيا بعدم سماع الدعوى وبإبقاء مصاريفها محمولة على القائم بها.

مستندات الطعن : الأستاذ عبد الحميد عميرة

1/ محكمة البداية عللت قضاءها إستنادا للفصل 5 من عقدي شراء المكتبين وهو دفع في غير طريقه ولا يتماشى وفقه القضاء نفس المحكمة التي سبق إن أصدرت حكما مماثلا اعتبرت فيه أنه لا يمكن الإعفاء من ضمان الإستحقاق وأنّ التنصيص على هذا الإعفاء صلب العقد يعد لاغيا ولا عمل عليه على فرض وجوده وقد أقرت ذلك محكمة الإستئناف بقرارها عدد 19386 الصادر في 30/11/1994 معتبرة أنّ الشرط الذي نصّ على أنه لا حق للطرفين بالرجوع على بعضهما بالنقص أو بالزيادة فهو مردود على صاحبه لأن ذلك الشرط لا عمل عليه لتعارضه مع ضمان الإستحقاق الذي أقره القانون وكذلك لا يتسنى قانونا التنازل عن حق قبل إنشائه وقد تأيد هذا الموقف من محكمة التعقيب التونسية في قرارها عدد 47192 الصادر في 13 أفريل 1995.

2/ طالبا نقض الحكم الإبتدائي  والقضاء من جديد طبق الطلبات المقدمة إبتدائيا وتغريم المستأنف عليها بألف دينار لقاء أتعاب التقاضي وأشراف المحاماة عن الطورين.

ملحوظات المستأنف ضده : الأستاذ التوفيق الزواري

1/ إنّ محكمة البداية اعتبرت عن صواب أنّ التنازل الإتفاقي يستجيب للفصل 626 م.أ.ع. صحيح ومعمول به قانونا ولا وجه لإبطاله علاوة على أنّ موضوع قضية الحال لا علاقة له بمسألة ضمان الإستحقاق بل هو يتعلق بطلب تعويض نقص وهو الحالة التي تدخل في نطاق الفصل 626 م ا ع. وأنّ المستأنف باعتباره مشتريا ادعى النقص في مساحة مشتراه إلا أنه فقد حقه في المطالبة بالتعويض أو بالتنقيص من الثمن لحصول تراض مسبق بينه وبين الشركة البائعة بالتنازل عن هذا الحق مضمن بالفصل 5 من عقد البيع. وأنّ ضمان الإستحقاق لا علاقة له بموضوع قضية الحال.

2/ إنّ منوبته كانت تمسكت قبل الخوض في الأصل بسقوط الدعوى بمرور الزمن عملا بالفصل 629 من م .إ.ع. وأنه خلافا لما جاء بحيثيات الحكم المطعون فيه فإنّ بداية تصرّف المسأنف في مشتراه يعود لتاريخ إبرام العقد في مارس 1990 اعتمادا على الفصل 3 من العقد الذي نصّ : ” وعين تاريخ الحوز والتصرّف بتاريخ هذا العقد “.

3/ طالبا رفض الإستئناف الأصلي موضوعا وقبول إستئناف موكلته العرضي وإقرار الحكم الإبتدائي فيما قضي به وتغريم المستأنف عرضيا بخمسة آلاف دينارا لقاء الضرر الأدبي وبألف دينارا لقاء أتعاب التقاضي وإشراف المحاماة عن الدرجتين وحمل المصاريف القانونية عليه.

مستنـدات القـرار

من حيث الشكـل :

حيث إستوفى الإستئناف جميع أشكاله وأوضاعه القانونية مما يجعله حريا بالقبول شكلا.

من حيث الأصل:

حيث إستهدف الإستئناف طلب الحكم بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا طبق الطلبات المقدمة إبتدائيا وتغريم المستأنف عليها بألف دينارا وحمل المصاريف القانونية عليها.

وحيث تمسك المستأنف بواسطة نائبه بأنّ الفصل 5 من كل من عقدي الشراء والمتضمن إلتزام المشتري في المساحة التي قد يظهر بانتهاء عمليات التقسيم والتحديد هو سند تعاقدي لاغ ولا عمل عليه لتعارضه مع ضمان الإستحقاق المقرر قانونا علاوة على أنه “لايتسنى التنازل عن حق قبل إنشائه” مسستنيرا في دفعه بموقف فقه محكمة التعقيب في المسألة.

وحيث أجابت المستأنف ضدها بأنّ الأمر لا يتعلق بضمان الإستحقاق وبحق إستحقاقي وإنما بطلب التنقيض من الثمن لنقص في مساحة العقار المبيع وأنّ التنازل الإتفاقي الوارد بعقد البيع يستجيب لأحكام الفصل 626 من م ا ع وهو صحيح ومعمول به قانونا ولا وجه لإبطاله وبالتالي فإنّ حق المشتري في التنقيص من الثمن قد سقط بمرور الزمن عملا بالفصل 629 الذي يوجب القيام أثناء السنة من ابتداء  التصرّف في المبيع وأنّ السنة تحسب من تاريخ عقد البيع.

وحيث إنحصر الجدل حول تحديد طبيعة السند التعاقدي الوارد بالفصل 5 من عقد البيع سند الـدعوى هل هو بند إعفاء من الضمـان أم اتفاق بين البائع والمشتري وفقا لما يجيزه الفصل 626 من م ا ع بخصوص النقص في قدر العين المبيعة.

وحيث أنه من المتفق عليه فقها وقضاء أنّ ضمان الإستحقاق هو أثر من آثار البيع بإمكان الطرفين إبعاده اتفاقيا وإعفاء البائع من الضمان كليا أو جزئيا كرسه المشرّع بالفصل 642 من م ا ع.

وحيث أنّ ضمان الإستحقاق قانونا هو إلتزام بتمكين المشتري من حيازة هادئة ومفيدة من المبيع ويقتضي إلتزام البائع بضمان فعله الشخصي سواء كان عملا ماديا أو تصرّفا قانونيا كضمان فعل الغير المبني على حق قانوني.

وحيث أنّ بند الإعفاء من الضمان الممكن بمقتضى المادة 642 من م.أ. ع.  يستهدف إبعاد الضمان على البائع إذا تعلّق الأمر بحق إستحقاقي ادعاء الغير على المبيع ضد المشتري.

وحيث أنّ الدعوى في قضية الحال لم يكن مبناها ضمان لإستحقاق أو ضمان العيوب الخفية وإنما إتستهدفت طلب التنقيص من الثمن لوجود نقص في مساحة العقار المبيع  بالنسبة للمساحة المتفق عليها.

وحيث أنّ الفصل المنطبق هو الفصل 626 من م.أ.ع. المتعلق بالعين المعينة والتي بين العقد قدرها كيلا أو عدا أو وزنا وظهر بالمبيع نقص أو زيادة بلغ نصف العشر.

وحيث يؤخذ من الفصل المذكور أنه إذا ظهر بعد التسليم والتمكين من العين أنّ المبيع أقل من مساحته عن القدر المبين بالعقد فإنه بإمكان المشتري القيام وفقا للفصل 626 من م .أ.ع. طالما تبين أن النقص في المساحة يفوق نصف العشر وهذا الشرط يعمل به إذا لم يكن منافيا للعرف ولم يحصل تراض بين البالغ والمشتري على خلافته.

وحيث تبين بالرجوع إلى عقد البيع وخاصة إلى الفصل 5 منه أنّ المستأنف بوصفه مشتريا قد تنازل على حقه في المطالبة بالتنقيص من الثمن تراضيا منه والبائعة على إبعاد الأحكام المتممة للمادة 626 من م .إ.ع.

وحيث أنّ هذا التنازل الإتفاقي ليس إعفاء من الضمان وإنما هو يستجيب لمقتضيات الفصل المذكور وهو بند صحيح قانونا يلزم المستأنف وبالتالي فإنّ محكمة البداية كانت مصيبة في حكمها لما قضت بصحته وردت الدفع المتمسك به منه والمتعلق ببطلان هذا الإتفاق.

وحيث أنه علاوة على ما ذكر فإنّ المستأنف ضدها كانت قد تمسكت قبل الخوض في الأصل بسقوط الدعوى بمرور الزمن وفقا للمادة 629 من م .إ.ع.

وحيث يؤخذ من هذا الفصل أنّ حق المشتري في فسخ البيع وفي تنقيص الثمن في الأحوال المقررة أعلاه يجب القيام به في أثناء سنة من التاريخ المبين في العقد لإبتداء تصرّف المشتري في المبيع وإلا فإنّ السنة تعدّ من تاريخ العقد والسكوت عن ذلك في المدة المذكورة يسقط به الحق.

وحيث أنّ تاريـخ الحوز والتصرّف عين من تاريـخ العقـد صلب الفصـل 3 من نفس العقد.

وحيث أنّ الأجل الوارد بالفصل 629 هو أجل سقوط لا يقبل التعليق ولا القطع وكانت تمسكت المستأنف ضدها بالتقادم وثبت أنّ قيام المستأنف كان بعدّ إنقضاء السنة من تاريخ تحوزه وتصرّفه بالمبيع وطالما أنّ دعواه إستهدفت تنقيص الثمن فإنّ قيامه بعد الأجل المسقط يجعل دعواه قد انقضت بمرور الزمن.

وحيث يستخلص مما سبق تبيانه أنّ الحكم المطعون فيه كان في طريقه لما قضي بعدم سماع الدعوى وكانت مستنداته سليمة المبنى واقعا وقانونا ويتعيّن إقراره.

وحيث ولئن كان الإستئناف العرضي مقبولا شكلا فإنه لم يثبت تعسف المستأنف في طعنه طالما أنه مارس حقا قانونيا وتعين رفضه أصلا.

وحيث خاب المستأنف في طعنه واتجه تخطئته بالمال المؤمن طبقا للفصل 154 من م م م ت.

وحيث  أنّ المصاريف القانونية محمولة على المستأنف وفقا للفصل 128 من م م م ت.

ولهـذه الأسبـاب

قضت المحكمة :

بقبول الإستئنافين الأصلي والعرضي شكلا ورفضهما موضوعا وإقرار الحكم الإبتدائي المطعون فيه وتخطئة المستأنف بالمال المؤمن وحمل المصاريف القانونية عليه”.

وحـرر في تاريخـه