قرار تعقيبي مدني عدد 2078
مؤرّخ في 17 أفريل(1) 1980
صدر برئاسة السيّد عبد الله القماطي
المبــدأ:
– العقد المبني على غلط أو جهل المعاقد لما له من حق يكون قابلا للأبطل إذا تبيّن من ظروف الأحوال أن ذلك الغلط أو الجهل هو السبب الأصلي في التعاقد.
نصـــه :
الحمــد لله وحــده،
أصدرت محكمة التعقيب القرار الآتي:
بعد الإطلاع على مطلب التعقيب المقدم من الأستاذ خير الدين الليلي المحامي لدى محكمة التعقيب في 11 جانفي 1978 نيابة عن شركة التأمين الإتحاد ممثلة في شخص مديرها ضد المكي والمكلّف العام بنزاعات الدولة بوصفه ممثلا للإتحاد القومي للتعاضد ومنير طعنا في القرار المدني الإستئنافي عدد 39492 الصادر من محكمة الإستئناف بتونس في 19 نوفمبر 1977 والقاضي بإقرار الحكم الإبتدائي وتخطئة المستأنف بالمال المؤمن.
وبعد الإطلاع على مذكرة الطعن وعلى القرار المطعون فيه وكافة الإجراءات.
وبعد الإطلاع على تقرير السيد المدعي العمومي لدى هذه المحكمة والإستماع لملحوظاته بالجلسة.
وبعد المفاوضة القانونية.
من ناحية الشكل:
حيث استوفى مطلب التعقيب جميع أوضاعه وصيغة القانونية فهو مقبول شكلا.
ومن جهة الأصل:
حيث تفيد وقائع القضية الثابتة بالقرار المطعون فيه أن المعقب ضده المكي كان قام لدى المحكمة الإبتدائية بتونس ضد الطاعنة وبقية المعقب عليهم مدعيا أنه كان تعرض لحادث مرور بتاريخ يوم 10 أفريل 1970 تسببت فيه سيارة مؤمنة لدى المدعي عليها شركة التأمين وقد أصيبت من جراء ذلك بأضرار بدنية طالبا عرضه على الفحص الطبي ثم الحكم له على ضوء ذلك بالغرامات التي تقع تقديرها وأجابت المدعي عليها بأنها على ضوء ذلك بالغرامات التي تقع تقديرها وأجابت المدعي عليها بأنها كانت أجرت صلحا مع المدعي تسلم بمقتضاه ألفا وخمسمائة دينار مقابل الضرر الحاصل له من الحادث وتنازل بموجب ذلك عن جميع الحقوق التي تنجر من الحادث المذكور وبعد استيفاء الإجراءات القانونية قضت المحكمة لصالح الدعوى فاستأنفته المدعي عليها وقضت محكمة الإستئناف بالتقرير وهذا الحكم هو محل الطعن الآن.
وحيث تعقبته الطاعنة طالبة نقضه ناسبة له ضعف التعليل وخرق الفصول 56-242-513-1458 من مجلة الإلتزامات والعقود ذلك لأن القرار المطعون فيه قد ألغى الصلح المتفق عليه من الطرفين باعتبار أن هناك تقريرا من قبل الطاعنة حملت المعقب عليه على إبرام هذا الصلح بدون إدراك لنتائجه في حين أن التقرير الذي يدعيه المعقب ضده لم تتوفر في شأنه الشروط القانونية التي تبرر إلغاء الصلح المتفق عليه بين الطريفين والقائم مقام القانون بينها خاصة وأن المعقب عليه رجل مثقف وقد ابرم الصلح عن طواعية واختيار مما يكون معه القرار المنتقد قد جاء مخالفا للقانون وقاصر التعليل بصورة تعرضه للنقض.
عن هذا المطعن:
حيث تبين من أسانيد القرار المطعون فيه أنه أسس قضاءه على اعتبار أن المتضرر المعقب ضده وإن كان على علم من الأضرار الحاصلة له عند ابرامه لعقد الصلح إلا أنه رغم ذلك كان عاجزا عن تقدير ابعاد كون نتائج الحادث لم تبرز وتقتئذ بصورة واضحة ولأن نتائج هذا الضرر موكول تقديره لمختصين فيه دون سواهم وإنه لا يمكن الخوض في تعويض الضرر إلا بعد تحقق من نتائجه ومعرفة نسبته.
وحيث اقتضى الفصل 1472 من مجلة الإلتزامات والعقود أنه “يسوغ القيام بفسخ عقد لصلح إذا كان مبنيا على إكرام أو تدليس أو وقع غلط في ذات أحد المتعاقدين أو في صفته أو في الشيء المتنازع فيه” كما اقتضى الفصل 43 من نفس المجلة أن “الرضا الصادر عن غلط أو عن تدليس أو عن إكراه يقبل الأبطال” وجاء الفصل 48 من المجلة المشار إليها قاضيا بأنه “إذا أوقع النظر في الغلط أو الجهل الواقع في الحقوق أو في المتعاقد عليه فعلى الحاكم أن يراعي ظروف الأحوال وسن القائم بالغلط وحالة كونه ذكرا أو أنثى“.
وحيث يؤخذ من هذه النصوص القانونية أن العقد المبني عن غلط أو جهل المعاقد لما له من حق يكون قابلا للأبطال إذا تبين من ظروف الأحوال أن ذلك الغلط أو الجهل هو السبب الأصلي في التعاقد بحيث أنه لو لم يقع المعاقد في هذا الغلط لما وقع إبرام العقد وأن تكون هناك أسباب من شأنها أن تبرر عذر المعقب لوقوعه في الغلط أو الجهل لما له من حق.
وحيث تبين من الوقائع الثابتة التي إنبنى عليها القرار المطعون فيه أن المتضرر المعقب ضده كان أبرم عقد الصلح المدعي بشأنه قبل أن تتبلور حالته الصحية بصفة جلية وإن الأضرار الحاصلة له قد تطورت بعد تاريخ الصلح وأفضت إلى حصول عجز بدني يتمثل في سقوط دائم بالأعصاب قدر بـ35%وسقوط السمع نسبته 30% وإن المتضرر وإن كان رجلا مثقفا إلا أنه لم يكن من ذوي الخبرة في ميدان تقدير الأضرار البدنية أو معرفة النتائج التي يمكن أن تؤول إليها تلك الأضرار وتأسيسا على ذلك فإن محكمة القرار المطعون فيه لما استخلصت في نطاق اجتهادها المطلق من هذه الوقائع ومن الظروف الحافة بإبرام عقد الصلح أن المتضرر وقع في غلط جسيم عند إبرامه لعقد الصلح إذ أنه لم يكن عالما بالنتائج التي قد تنجز عن الحادث وإنه كان عاجزا عن تقدير إبعادها لأنه من غير المختصين في تقدير نتائج هذا الضرر واعتبرت بسبب ذلك أن عقد الصلح كان معيبا لوقوع المتضرر في هذا الغلط وأسست على ذلك قضاءها ببطء أن هذا العقد تكون قد بررت قضاءها تبريرا قانونيا سليما ولا يعج مخالفا للقانون ولا يشوبه أي ضعف أو قصور وحينئذ فإن مستند الطعن بجميع فروعه غير قائم على أساس قانوني ويتعين رده.
ولــذا:
قررت المحكمة قبول مطلب التعقيب شكلا ورفضه أصلا وحجز معلوم الخطية المؤمن.
وقد صدر هذا القرار بحجرة الشورى في 17 أفريل 1980 من الدائرة الثالثة المتألفة من رئيسها السيد عبد الله القماطي والمستشارين السيدين الهادي بن براهيم ومحمّد عبد الرحمان بمحضر المدعي العمومي السيد أحمد بن سدرين والسيد الهادي المتهني كاتب المحكمة – وحرر في تاريخه.
[1] النشرية : ج. I، ص.100.م. القضاء والتشريع 1981، ع. 7، ص.79.
التعليــــــــق
يندرج القرار المنشور أعلاه في باب صحة التراضي ويكشف عن دور القضاء في الحد من الأثر المسقط لعقد الصلح المتعلق بتعويض الأضرار البدنية الناتجة عن حوادث الطرقات وذلك في حالة تفاقم هذه الأضرار.
تفيد وقائع القضية إصابة شخص بأضرار بدنية نتيجة حادث مرور، فقدم دعوى ضد شركة التأمين طالبا عرضه على الفحص الطبي ثم الحكم له بالغرامات التي يقع تقديرها على ضوء نتيجة الإختبار، إلا أن المطلوبة أجابت بأنها تصالحت بينها وبين المدعي صلحا جزافيا[1] تسلم بمقتضاه 1.500 دينار مقابل الضرر الحاصل له من الحادث وتنازل بموجب ذلك عن جميع الحقوق التي تنجر عن الحادث المذكور.
وبعد استيفاء الإجراءات، قضت محاكم الأصل لصالح الدعوى معتبرة –حسب القرار موضوع التعليق- بأن عقد الصلح باطل لوقوع المتضرر في الغلط في الشيء المتنازع فيه لأنه عاجز عن تقدير نتائج الحادث.
فتعقبت شركة التأمين القرار الإستئنافي ناسبة له ضعف التعليل وخرق الفصول 56 و 242 و 513 و1458 من مجلة الإلتزامات والعقود (م.ا.ع) لأن القرار المذكور قد ألغى عقد الصلح القائم مقام القانون بينها وبين المتضرر، خاصة وأن هذا الأخير رجل مثقف وقد أبرم الصلح عن طواعية واختيار. لكن محكمة التعقيب قضت بالرفض في القرار موضوع التعليق.
هذا القرار يعالج المشكل الرئيسي التالي، هل يجوز الحكم بتعويض إضافي لفائدة متضرري حادث مرور تعكرت حالته الصحية بسبب الحادث بعد أن تحصل على تعويض جزافي بمقتضى عقد صلح متنازلا عن جميع الحقوق التي تنجر من الحادث بالمذكور؟
أجابت محكمة التعقيب على هذا السؤال بالإيجاب اعتمادا على الغلط كعيب من عيوب الإرادة. فقد أيدت محكمة التعقيب القرار المطعون فيه لما استخلص من الظروف الحافة بإبرام عقد الصلح أن المتضرر وقع في غلط. فقد جاء في القرار بالخصوص بأنه يؤخذ من الفصول 1472 و 43 و 48 من م.ا.ع. أن العقد المبني على غلط أو جهل المعاقد لماله من حق يكون قابلا للأبطال إذا توفر شرطا إعمال هذا الغلط وهو الغلط التلقائي غير الناشئ عن تغرير.
وقد سعت محكمة التعقيب إلى التوفيق بين حماية إرادة المتعاقد من جهة وحماية استقرار التعامل من جهة أخرى، ونلمس ذلك من خلال المسائل القانونية الثلاث التي يثيرها أو يتعرض إليها القرار والتي تبحثها على التوالي.
1. هل يحق المتضرر أن يستند إلى الغلط في الشيء المتنازع فيه لأبطال الصلح الجزافي؟
2. تحديد غلط المتضرر في الشيء المتنازع فيه كسبب لإبطال عقد الصلح.
3. شرطا الأخذ بالغلط في الشيء المتنازع فيه كسبب لإبطال عقد الصلح.
1) هل يجوز الإستناد إلى الغلط في الشيء المتنازع فيه لأبطال عقد الصلح الجزافي؟
يطرح هذا السؤال صعوبة تحديد الإرادة الباطنة لطرفي العقد وبصفة أخص معرفة ما إذا كان هناك تطابق أم اختلاف بين إرادة المتضرر الظاهرة وإرادته الباطنة. وقد تمسكت شركة التأمين بعقد الصلح لرفض دعوى التعويض الإضافي لأن المتضرر تنازل بموجب هذا العقد عن جميع الحقوق التي تنجر من الحادث بعد أن تحصل على تعويض جزافي وبالتالي يكون عقد الصلح غير قابل للإبطال على أساس الغلط في الشيء المتنازع فيه (أ). إلا أن محكمة التعقيب ذهبت عن صواب إلى قابلية الصلح الجزافي للأبطال على أساس ذلك الغلط (ب).
أ- رأى المعقبة: عدم قابلية الصلح الجزافي للأبطال على أساس الغلط
في الشيء المتنازع فيه
اقتضى الفصل 43 م.ا.ع. أن الرضا “الصادر عن غلط أو عن تدليس أو عن إكراه، يقبل الأبطال“. فبالنسبة للعيب الأخير لاحظت المعقبة أن المتضرر أبرم الصلح عن طواعية واختيار ورضاؤه بالتالي ليس صادرا عن إكراه.
وفي خصوص التغرير تمسكت الشركة المعقبة بخرق الفصل 56 م.ا.ع. لعدم توفر شروط هذا العيب. وفي هذا ا قرار بإبطال عقد الصلح إذا تبين أن المتضرر وقع في غلط ناتج عن تغرير من قبل ممثل شركة التأمين[2].
أما في ما يخص الغلط التلقائي، فإن الطاعنة ترى أنه لا يمكن أن يؤدي إلى إبطال عقد الصلح لعلة أن المتضرر المتصالح قد تنازل عن جميع الحقوق التي ” تنجر” له عن الحادث. والتعبير في المضارع (تنجر) يفيد الدوام، أي أن الإتفاق لم يشمل الضرر الحاصل فحسب، بل وكذلك التغييرات المستقلة للضرر. فقد قبل المتضرر مبلغا جزافيا كتعويض عن الضرر الذي أصابه لقاء التنازل عن المطالبة عن أي تعويض آخر. أيا كانت النتائج اللاحقة للحادث. فإذا كان الصلح عقد محددا[3] إلا أنه يتّسم بطابع احتمالي[4]. والمفروض أن المتضرر قد توقع تطور الضرر أي التغييرات المستقبلة، وبالتالي هناك تطابق بين ظاهر الإدارة وباطنها وقد تنازل دون أي تحفظ عن طلب الزيادة في التعويض[5] وطبقا لمبدإ القوة الملزمة للعقد – أي الأثر المسقط للصلح -لا يسوغ للمتضرر المتصالح أن يتمسّك بالغلط في الشيء المتنازع فيه للمطالبة بتعويض إضافي وإلا فإن المتضرر يتحلل من إلتزامه من أجل عقد تبين أنه ليس في صالحه. ونجد هذه الفكرة في القانون المقارن على المستوى الفقهي[6] والقضائي[7].
لكن هذا الرأي لا يعني عدم المساس بعقد الصلح، فإذا كان العقد لا يقبل الإبطال على أساس الغلط، إلا أنه قابل للتعديل على مستوى تأويل بنوده، وهذا ما يفسر تمسك الطاعنة بالفصل 513 م.ا.ع. الوارد تحت عنوان تفسير العقود، فيجب البحث هل أن التنازل عن المطالبة بتعويض إضافي كان صريحا أم لا… ففي حالة عدم التنصيص صراحة على أن التعويض يشمل كل نتائج الحادث المحققة والمحتملة يعتبر التعويض المتفق عليه قاصرا على الأضرار الحالة أي الحاصلة زمن الإتفاق. وبالتالي يسوغ للمتضرر طلب تعويض إضافي دون أن يقع إبطال عقد الصلح لأن الضرر الذي يطالب بالتعويض عنه جديد ولم يكن محل اعتبار عند التعاقد[8].
إلا أن هذه الوسيلة التي تهدف إلى الحد من الأثر المسقط لعقد الصلح غير مجدية لأن شركات التأمين اعتادت وضع بند ينص صراحة على أن المتضرر قد قبل الصلح على المبلغ الذي ارتضاه متنازلا عن المطالبة بتعويض إضافي عن أي ضرر مباشر يظهر فيما بعد[9] لذلك وقع اتخاذ وسيلة ثانية لحماية المتضررين تعتمد شرط سلامة التراضي من العيوب وبصفة خاصّة عيب الغلط في الشيء المتنازع فيه[10]وهذا ما ذهب إليه القرار موضوع التعليق.
ب- رأي محكمة التعقيب: قابلية الصلح للإبطال على أساس الغلط في الشيء
المتنازع فيه.
جاء في الحيثية قبل الأخيرة للقرار أن العقد المبني على غلط أو جهل المعاقد لما له من حق يكون قابلا للإبطال. هكذا فإن عقد الصلح –حتى ولو كان جزافيا- يقبل الإبطال إذا كان رضا أحد الطرفين صادرا عن غلط.
والغلط الذي وقع فيه المتضرر في قضية الحال ناتج عن إبرامه عقد الصلح قبل أن تتبلور حالته الصحية بصفة جلية نظرا لعجزه عن تقدير إبعاد نتائج الحادث.
ومن العدل والمنطق أن يقبل الصلح الإبطال من أجل الغلط في الشيء المتنازع فيه فإذا كان الفصل 1462 م.ا.ع. يجيز الصلح فيما يتعلّق بالحقوق الناتجة عن الفعل الضار[11] إلا أنه لا يعقل أن يتنازل الشخص عن المطالبة بالتعويض عن أضرار يجهلها زمن إبرام الصلح والتي تصيبه –مستقبلا- في بدنه خاصّة وأن هذا الشخص يكون عادة في حالة احتياج وخصاصة[12].
كما أن جواز الاستناد إلى الغلط في محل التعاقد لإبطال عقد الصلح له سند تشريعي صريح. ذلك أن مجلة الإلتزامات والعقود تقر إمكانية القيام بإبطال الصلح من أجل الغلط في الشيء المتنازع فيه اعتمادا على أحكام الفصل 1472، فضلا عن النصوص العامة الواردة تحت عنوان “العيوب المبطلة للرضاء. والفصل 1472 م.ا.ع. مطلق من كل قيد فهو ينصرف إلى كل صلح دون تمييز بين صلح يكتسي أم لا طابعا جزافيا[13]. وقد أصابت محكمة التعقيب لما استندت إلى هذا الفصل المذكور للقول بإمكانية إبطال عقد الصلح. ذلك أنه إذا رضي المتضرر أن يتنازل عن الحقوق التي تنجر عن الحادث فإن هذا لا يمنع من أنه وقع في غلط زمن إبرام الصلح، وهذا ما جرى عليه جانب من الفقه[14] وكما قال عبد الرزاق السنهوري، متحدثا عن المتضرر المتصالح: “لا يكفي لإفتراض إجازته لنتائج هذا الغلط أن يكون تنازل مقدما عن أي تعويض إضافي في ورقة مطبوعة قدمتها له شركة التأمين فوقعها دون تدبر، ولا تصح الإجازة الصادرة ممن وقع في غلط قبل أن يكشف عن هذا الغلط“[15] إذن ليس هناك تطابق بين إرادة المتضرر الظاهرة وإرادته الباطنة، والعبارة بهذه الأخيرة لأن الفصل2 من م.ا.ع. لا يكتفي بالتصريح بالرضا بل يشترط ” تصريحا معتبرا “. وقد بحثت المحاكم في قضية الحال عن إرادة المتضرر التي افترضت أنها الإرادة الحقيقية أو الباطنة.
ويلاحظ أن هذا الصلح المبرم في قضية الحال له طابع رضائي، وإن جوار الإبطال من أجل الغلط في الشيء المتنازع فيه ليس خاصا بهذا النوع من الصلح بل ينسحب أيضا على الصلح القضائي –الذي يبرم أثناء النزاع القائم- والذي تعتبره المحكمة عاملا بين المتقاضين المتصالحين. ففي حالة الحكم بإمضاء الصلح لا يمكن الإستناد إلى قرينة اتصال القضاء لعدم توفر الشروط المنصوص عليها بالفصل 481 م.ا.ع. وبالتالي يجوز إبطال الصلح القضائي للغلط[16].
كما يلاحظ أن التشريع الفرنسي المتعلق بحوادث المرور والصادر في 05/07/1985 أقر القضاء الذي ذهب إلى التعويض عن تفاقم الضرر البدني اعتمادا على الغلط المنصوص عليه بالفصل 2053 من المجلة المدنية، سواء كان التفاقم أم لم يكن محل اعتبار عند التعاقد[17] كما حسم هذا التشريع كل خلاف، لا فقط حول إمكانية الإستناد إلى الغلط في الشيء لإبطال عقد الصلح بل وكذلك حول محل أو مفهوم هذا الغلط، وهذا ما سنراه في المبحث التالي.
2) تحديد غلط المتضرر في الشيء المتنازع فيه كسبب لإبطال عقد الصلح
ورد في القرار أن المتضرر أبرم عقد الصلح قبل أن تتبلور حالته الصحيّة، وإن الأضرار الحاصلة له قد تطورت بعد تاريخ الصلح. لذلك جاء هذا القرار مؤيدا محكمة الأصل لما استخلصت من الظروف الحافة بإبرام عقد الصلح أن المتضرر وقع في غلط في الشيء المتنازع فيه، إذ أنه لم يكن عالما بالنتائج التي قد تنجر عن الحادث وأنه كان جاهلا ما له من حق واعتبرت أنه لا يمكن الخوض في تعويض الضرر إلا بعد التحقق من نتائجه ومعرفة نسبته. هذا الموقف يدعونا إلى تحديد –أي تكييف وتفسير- الغلط في الشيء المتنازع فيه. بعبارة أخرى يقتضي هذا التحديد التعرض أولا إلى طبيعة غلط المتضرر في الشيء المتنازع فيه (أ) ثم إلى مفهوم هذا الغلط (ب).
أ- طبيعة غلط المتضرر في الشيء المتنازع فيه
بعد أن ذكرت محكمة التعقيب بفحوى الفصول 13 و 48 و 1472 م.ا.ع. قالت بأنه يؤخذ من هذه النصوص أن العقد المبني ” عن غلط أو جهل المتعاقد لما له من حق ” يكون قابلا للإبطال إذا تبين من ظروف الأحوال أن ذلك ” الغلط أو الجهل هو السبب الأصلي في التعاقد … وأن تكون هناك أسباب من شأنها أن تبرر عذر المعاقد لوقوعه في الغلط أو الجهل لما له من حق ” وهنا يتجه تكييف الغلط الذي وقع فيه المتضرر أي بيان طبيعته.
فمن ناحية أولى توحي عبارة “جهل المعاقد لما له من حق” بالغلط في القيمة أو في تقدير التعويض، ومن المعلوم أن الغبن في القانون التونسي لا يؤثر كمبدإ عام في صحة العقد إلا إذا كان نتيجة تغرير. وهذا ما يؤخذ من الفصل 1473 م.ا.ع. الخاص بعقد الصلح والذي تضمن في شطره الثاني على أنه ” لا يسوغ القيام بالغبن إلا إذا كان هناك تغرير” على أن الغلط في القيمة الذي ينتج عن الغلط في جوهر الشيء يؤدي إلى إبطال العقد لا على أن الغلط في القيمة الذي ينتج عن الغلط في جوهر الشيء يؤدي إلى إبطال العقد لا على أساس الغبن أو الغلط في القيمة بل على أساس الغلط في الصفة الجوهرية في الشيء[18].
ومن ناحية ثانية تذكر عبارة ” جهل المعاقد لما له من حق” بالغلط في القانون المنصوص عليه بالفصل 44 م.ا.ع.[19] والرأي السائد فقها هو أن هذا النوع من الغلط يقصد به الجهل بقاعدة قانونية أو تطبيق قاعدة قانونية على وضع معين تطبيقا غير صحيح[20] ومثال ذلك أن يرث شخص حصة من تركة فيعتقد عن غلط أن القانون حدد حصته بربع التركة ويبيع حصته بثمن معين بناء على هذا الإعتقاد ثم يتبين من أن القانون يحدد حصته بنصف التركة، فإن البائع جاهل ” لما له من حق”. وهذا الجهل أو الغلط في القانون نتج عنه تصور غير صحيح للشيء موضوع التصرف، وعبارة ” جهل العاقد لما له من حق ” الواردة في الفصل 44 م.ا.ع. غير سليمة لأنها مبنية على خلط بين مدلولي كلمة « droit » وهما القانون والحق[21]. الأمر الذي حمل محكمة استئناف تونس[22] على إبطال عقد الصلح على أساس الفصل 44 م.ا.ع. في قضية مشابهة للقضية موضوع التعليق. فقد تشابه عليها الغلط بنوعيه في الواقع وفي القانون.
لكن موقف محكمة الإستئناف رغم تأييد جانب من الفقه من أجل حماية إرادة المتصالح[23] لا يمكن قبوله لسببين إثنين:
السبب الأوّل: يرجع إلى أن الغلط الذي يقع فيه المتضرر المتصالح في مثل قضية الحال ليس غلطا في القانون لأنه لا يرد على حكم قاعدة قانونية بل يقع على أمر واقعي وهو نتائج أو مخلفات الحادث[24].
السبب الثاني: هو أن الغلط في القانون، وإن كان يخول إبطال العقد مثل الغلط في الواقع إلا أنه هناك حالات حددها المشرع لا يجوز فيها الاعتداد بالغلط في القانون. ومن ذلك ما يقضي به الفصل 1473 م.ا.ع.[25] من أنه ” لا يسوغ القيام بفساد الصلح لجهل في أصل الحكم“[26]. ولا جدال أن محكمة التعقيب اعتبرت في قضية الحال أن الغلط الذي وقع فيه المتضرر هو غلط في الواقع بالرغم من استعمال عبارة جهل المعاقد لما له من حق[27] والدليل على ذلك هو الإستناد إلى الفصل 1472 م.ا.ع. المعلّق بالغلط ” المادي” حسب النص الفرنسي للفصل المذكور بمعنى الغلط ينصب على أمر واقعي.
ويمكن القول أن الغلط في الشيء المتنازع فيه على معنى الفصل 1472 م.ا.ع. يدخل في دائرة الغلط في الشيء المنصوص عليه بالفصل 45 م.ا.ع. وهو من صور الغلط الذي يعيب الإرادة[28]. لكن تحديد الغلط في الشيء المتنازع فيه يستلزم كذلك البحث عن تفسير لهذا اللفظ أي مفهوم هذا الغلط الذي يقع فيه المتضرر المتصالح.
ب- مفهوم غلط المتضرر في الشيء المتنازع فيه
جاء في القرار موضوع التعليق أن المتضرر كان قد أبرم عقد الصلح المدعى بشأنه قبل أن تتبلور حالته الصحية بصفة جلية وأن الأضرار الحاصلة له قد ” تطورت ” بعد تاريخ الصلح، وهكذا وقع المصالح في غلط في الشيء المتنازع فيه يخول له إبطال الإتفاق.
ويقتضي مفهوم هذا الغلط تفسير لفظ ” تطور” الضرر البدني. وهذا اللفظ يعني أمرين إثنين.
فقد يفيد أولا تعكر السقوط أي تفاقم نسبة السقوط الأصلية. وهذا يعني أن الضرر المتصالح عليه أدى إلى بعض المضاعفات. والقرار لا يرشدنا إلى نسبة السقوط لا في الأعصاب ولا في السمع. وهكذا قد يكون المتضرر المتصالح قد وقع في غلط في جسامة الأضرار.
وقد يعني تطور الأضرار تشعب السقوط وهذا هو المعنى الثاني. ويقصد فيه ظهور ضرر جديد يختلف في طبيعته (نوعه) عن الضرر الذي كان موجودا وقت الصلح، كان يتصالح المتضرر من أجل كسر في العظام ثم يتطور الضرر فينتج عن الحادث سقوط في السمع أو في الأعصاب أو غير ذلك من الأضرار غير المتوقعة[29]. وفي هذه الحالة يقال إن المتضرر قد وقع في غلط في طبيعة الأضرار، متصورا الأضرار على غير حقيقتها.
ومن الأكيد أن محكمة التعقيب تبنت في القرار موضوع التعليق مفهوما واسعا للغلط في الشيء المتنازع فيه وبالتالي تفسيرا واسعا للفصل 1472 م.ا.ع. مستهدفة حماية إرادة المتعاقد مما يمكنه من المطالبة بإبطال الصلح سواء وقع في غلط في طبيعة الأضرار أو في جسامتها. وقد أدانت هذا التمييز لما أيدت محكمة الإستئناف التي اعتبرت أنه لا يمكن الخوض في تعويض الضرر إلا بعد ” التحقق من نتائجه ومعرفة نسبته “.
وهناك رأي في القانون المقارن يدعو إلي التمييز بين نوغي الغلط وبالتالي إلى الأخذ بتفسير ضيق للغلط في الشيء المتنازع فيه بحيث أن الغلط في جسامة أي مدى الأضرار لا يعتد به بدعوى أن مجرد تعكر السقوط الحاصل زمن الصلح لا يعدو أن ينتج غبنا. والغبن لا يؤثر في الصلح كقاعدة عامّة، وبالتالي لا يقع الحكم بإبطال الإتفاق إلا في حالة تشعب السقوط[30] وقد أخذت محكمة التعقيب الفرنسية بهذا الرأي في العديد من القرارات[31].
واعتقد بأنه لا وجه للتفرقة بين الغلط في جسامة الأضرار وفي طبيعتها وأن محكمة التعقيب كانت مصيبة عندما أغفلتها[32] وفي ذلك حماية لإرادة المتضررين.
وقد سبقت الإشارة إلى أن التشريع الفرنسي الصادر سنة 1985 أجاز الطعن في عقد الصلح من طرف المتضرر في حادث مرور. هذا التشريع قد صدف كذلك عن التمييز بين الغلط في خطورة الأضرار (تعكر السقوط) والغلط في طبيعة أو وجود الأضرار (تشعب السقوط)[33].
والجديد بالذكر كذلك أن محكمة التعقيب التونسية وإن حرصت على حماية إرادة المتضرر المتصالح بتوسعها في مفهوم الغلط في الشيء المتنازع فيه، فإنها لم تعرض عن حماية المتصالح الآخر، وهذا ما نلمسه من خلال الشرطين الذين استوجبتهما للأخذ بالغلط.
3) شرطا الأخذ بالغلط في الشيء المتنازع فيه كسبب لإبطال عقد الصلح
يستفاد من القرار موضوع التعليق أنه يشترط لقابلية العقد للإبطال من أجل الغلط أن يكون هذا العيب دافعا للتعاقد وأن يكون مغتفرا. وسيقع تخصيص فقرة لكل شرط.
أ- الشرط الأوّل: أن يكون الغلط دافعا للتعاقد
جاء في الحيثية قبل الأخيرة للقرار أن العقد المبني على غلط يكون قابلا للإبطال “إذا تبين من ظروف الأحوال أن ذلك الغلط أو الجهل هو السبب الأصلي في التعاقد بحيث أنه لو لم يقع المعاقد في هذا الغلط لما وقع إبرام العقد…“.
هكذا اشترطت محكمة التعقيب أن يكون الغلط في الشيء المتنازع فيه جوهريا أي أنه دفع المتعاقد إلى أن يرتضي العقد. وهذا الشرط –وإن لم يرد في الفصل 1472 م.ا.ع. الخاص بعقد الصلح- إلا أنه وارد بالنص العام حول الغلط في الشيء أي الفصل 45 م.ا.ع.[34] الذي ينص على الغلط في ذات المعقود عليه أو في نوعه أو في وصفه “الموجب للتعاقد“. ويكون الغلط موجبا لنتعاقد إذا كان السبب الأصلي أو الوحيد في التعاقد.
ومما ورد في القرار أن محكمة الإستئناف اعتبرت أن المتضرر المتصالح وقع في غلط ” جسيم“. ولفظ جسيم يقصد به جوهري أو دافع إلى التعاقد، ذلك أن بعض التشريعات العربية تعتبر الغلط جوهريا “إذا بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد من إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط“[35].
وتقدير هذا الشرط مسألة موضوعية يفصل فيها قاضي الأصل، وليست مسألة قانونية. وقد جاء في القرار أن شرط جسامة الغلط تقدره محكمة الموضوع ويدخل في “نطاق اجتهادها المطلق” اعتمادا على الفصل 48 م.ا.ع. لأن مدى الإصابة الناتجة عن الحادث هو من مسائل الواقع. وفي قضية الحال استخلصت محكمة الإستئناف من وقائع الدعوى ومن الظروف الحافة بإبرام عقد الصلح أن المتضرر وقع في غلط جسيم عند إبرامه لعقد الصلح إذ أنه لم يكن عالما بالنتائج التي قد نتجر عن الحادث. ولا شك أن هناك فارق كبير بين السقوط المتصالح عليه والسقوط الذي بينه الإختبار، مما يجعل الغلط في محل التعاقد جوهريا.
فليس كلّ غلط يخول الإبطال وإلا أدى هذا إلى التحلل من عقود كثيرة وبالتالي إلى عدم استقرار المعاملات. بل يجب أن يكون السبب الدافع إلى إبرام العقد. ولم تكتف محكمة التعقيب بهذا الشرط الأساسي لكي ينتج الغلط أثره القانوني بل استوجبت بالإضافة له أن يكون الغلط مما يعذر عنه أي مغتفرا.
ب- الشرط الثاني: أن يكون الغلط مغتفرا
جاء في القرار موضوع التعليق أنه يؤخذ من بعض النصوص القانونية (الفصلان 48 و 1472 م.ا.ع.) أن العقد المبني على غلط أو جهل المعاقد لما له من حق يكون قابلا للإبطال إذا تبين أنّ ” هناك أسباب من شأنها أن تبرر عذر المعاقد لوقوعه في الغلط أو جهل ما له من حق “.
هنا يظهر شرط اتصاف الغلط بوصف الاعتذار ويمكن تأسيس هذا الشرط بالنسبة لعقد الصلح على ما ورد في الفقرة الأخيرة من الفصل 1472 م.ا.ع. على أنه لا يسوغ القيام بالإبطال إلا ممن كان ” على غرة “. هذه العبارة تعني ” على حسن نية ” حسب النص الفرنسي للفصل المذكور. لكن يمكن أن تفسر العبارة تفسيرا واسعا والقول بأنها تعني انتفاء الخطأ ( الإهمال أو التقصير) في جانب المتضرر المتصالح في تحريه الحقيقة حول جسامة الأضرار. وبالتالي يمكن تعريف الغلط المغتفر بأنه الغلط الذي لا يرجع إلى خطأ الغالط والذي لم يكن في استطاعته أن يتفاداه [36].
وقد لاحظت شركة التأمين أن المتضرر رجل مثقف قاصدة بذلك إما نفي الغلط أو استبعاد صفة الإعتذار عنه في صورة وجوده. لكن قضاة الإستئناف والتعقيب أجابوا بأن المتضرر – وإن كان رجلا مثقفا – إلا أنه لم يكن من ذوي الخبرة في تقدير الأضرار البدنية أو معرفة النتائج التي يمكن أن تؤول إليها تلك الأضرار. وهذا الجواب صائب بالإستناد إلى الفصل 48 م. ا. ع. الذي ينص على المعيار الذاتي في تقدير الغلط [37].
ويمكن أن نستنتج من الحيثية قبل الأخيرة للقرار موضوع التعليق أن شرط اتصاف الغلط بصفة الإعتذار لا يخص الغلط في الشيء المتنازع فيه في عقد الصلح فحسب بل يشمل كل غلط في الواقع في كل عقد بصفة عامة، ولكن هذا الشرط لم يرد بالفصول الثلاثة التي أشارت إليها محكمة التعقيب في الحيثية التي سبقتها ولا في غيرها.
كما يمكن أن نستنتج حرص محكمة التعقيب على توفير ما يجب في التعامل من أسباب الإستقرار خاصة وأن المشرع لم ينص على هذا الشرط إلا بالنسبة للغلط في القانون[38] ويرجع ذلك إلى الفقه الإسلامي الذي لا يعتد بصفة عامة بالغلط في الحكم الشرعي [39].
ورغم انعدام النص في هذه المسألة بالنسبة للغلط في الواقع بصفة عامة، فقد ذهب فريق من الشراح وكذلك القضاء إلى حرمان المتعاقد الواقع في الغلط من الحق بالتمسك بإبطال العقد إذا كان غلطه غير مغتفر[40] ويستند هذا الرأي عادة إلى فكرة المسؤولية المدنية. فالمتعاقد الذي يخطئ ويسبب خطؤه في وقوعه في غلط يكون مسؤولا عن تعيب العقد وعن الضرر الذي يلحقه بالمتعاقد الأخر. وخير تعويض لهذا الضرر يتحقق عن طريق رفض دعوى الإبطال [41] وبذلك يتحقق الإستقرار المنشود في المعاملات.
ويمكن القول في الختام أن القرار موضوع التعليق يغني عن اقتراح نص قانوني قاض بأن محل الصلح يقتصر على الأضرار الحالية دون الأضرار المستقبلة [42]لكنه لا يغني عن استبدال عبارة الجهل في الحق أو في الحقوق بالغلط في القانون.
كما تجدر الإشارة إلى صدور قرار تعقيبي سنة 1982 قاض في حالة تفاقم الضرر بعد الحصول على تعويض بمقتضى حكم قضائي بات بعدم جواز المطالبة بتعويض إضافي، وذلك اعتمادا على مبدإ اتصال القضاء[43]. هذا القرار الذي لا يستند إلى أساس صحيح ربما يشجع المتضررين في حوادث المرور على التصالح مع شركات التأمين مما يسوغ لهم في حالة تفاقم الضرر البدني من أن يطالبوا بتعويض إضافي اعتمادا على الغلط في الشيء المتصالح عليه والمتنازع فيه.
[1] يراجع:
Philippe le Tourneau : La responsabilité civile, 3 éd. Dalloz 1982 N° 905 à 909 p.301 à 303.
[2] من الأمثلة على التغرير (التدليس) في عقد الصلح أنظر:
Civ. 13/01/1969 D. 69 Somm. P.66K R.G.A.T. 69 p.362 ;
Civ. 12/01/1970 R.G.A.T. 1972 p.87.
[3] لقد تعرض المشرع إلى عقود الغرر (المخاطرة) في المقالة العاشرة من الكتاب الثاني من م.ا.ع. وتعرّض إلى عقد الصلح في المقالة الحادية عشر (الفصل 1458 وما يليه).
[4] يراجع الفصل 1467 م.ا.ع. وخاصّة في نصه الأصلي (الفرنسي):
« La transaction ne peut être révoquée, même du consentement des parties à moins qu’elle n’eût en simplement la nature d’un contrat commutatif ».
[5] يراجع في هذا المعني الفصل 25 من م.ا.ع.
[6] يراجع:
Pierre BOUZAT, note S. 1935 le 377 et s. : André BESSON note D. C. 1941 J. 114 et s. : Louis BOYER, la notion de transaction éd. Sirey 1947 p.159 : Henri LALOU, Traité pratique de la responsabilité civile Dalloz 1955 n°243 n°205 :Philippe LE TOURNEAU, op. cit., n°989 p.303.
[7] يراجع في القضاء الفرنسي:
Civ. 1-12-1942 D.C. 1943 p.47 note. M.F., J.C.P. 1943-11-2187 note P.L.P. : Civ. 12-12-1963 D. 64 J.P. 467 note F. Boulanger : Civ. 8-10-1964 D. 1965 J. P.367 note P. Azard. Civ. 10-6-1968 D. 1969 Somm. p.2.
يراجع في القضاء الألماني: Fritz STRUM
La quittance transactionnelle vue par les juges français et allemands Rev. tr. dr. civ. 1974 p.347 et s.
[8] يراجع في هذا المعنى الفصل 1460 م.ا.ع. محمّد المالقي محاضرات في شرح القانون المدني التونسي كلّية الحقوق بتونس 1400-1980، ص. 116، ويراجع في القانون الفرنسي.
Paris 11-6-1864 S. 1864 11p.47 : Caen 15-5-1865 s. 1865 II p.264 : P. Bouzat note précitée sous Réq. 14-3-1964 S. 35-377 ; André note précitée : Yvas CHARTIER, la réparation du préjudice Dalloz 1983 n°589 p.723.
[9] يراجع عبد الرزاق أحمد السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني، ج.5، دار النهضة العربية 1962، رقم 365، ص.545.
Fritz STURM article précité p.348. M. PICARD et A. BESSON les assurances terrestres T. I le contrat d’assurances 5éd. L.G.D.J. 1982 n°141 p.231 :
B. STARCK, H. ROLAND et L. BOYER droit civil, obligations I- Responsabilité délictuelle Litec 1985 n°2151.
[10] هناك اتجاه يجمع بين الوسيلتين فهو يستبعد وصف الصلح ويعتبر العقد من باب التنازل عن الحق القابل للإبطال من أجل الغلط يراجع: Réq. 23-12-1907 D. 1912 I. 70 et la note spéc. n°4 et 5.
[11] يراجع خاصة النص الأصلي (الفرنسي) للفصل المذكور.
[12] يراجع:
Ardré BESSON, note précité, Starck ROLAND et BOYER op. cit., n°1014 p.456 : Hassine BEN SLIMA, contribution à l’étude à l’étude de l’art. 243 du C.O.C. Mémoire D.E.A Fac. Dr. TUNIS 1985 p.83.
[13] يراجع الفصل 533 م.ا.ع.
[14] يراجع عبد الرزاق أحمد السنهوري المرجع السابق رقم 365، ص. 545 البشير زهرة، التأمين البري، ط.2 مؤسسات عبد الكريم بن عبد الله، تونس 1985، أحمد الخمليشي، المسؤولية المدنية للأبوين عن أبنائهما القاصرين، مكتبة المعارف، الرباط 1981، ص.79.
SAVATIER , Traité de la resp. civile T. 2 n°666 : cours de droit civil T. II 2 éd. L.G.D.J. Paris 1949 n°867-64 p.452 : Jean-Louis.
BAUDOUIN, traité élem. dr. civ. La resp. civ. Délict. Les presses de l’Univ. De Montréal 1973 n°188 p.134.
[15] عبد الرزاق السنهوري، المرجع السابق.
[16] يراجع تعقيب مدني 28/06/1955 م. القضاء والتشريع 59. ع.3 ص.71، ونفس المرجع، س.60 ع.9 و10 ص.147، ع.5، ويراجع خلاف ذلك: تعقيب مدني 9999، في 23/01/1981، النشرية: ج.1 ص.397، مجلة القضاء والتشريع 1985، ع.6، ص.85.
[17] علاوة على القرارات التي أشار إليها البشير زهرة في المرجع السابق، ص.228، يراجع:
Civ. 14-3-1934 D.H. 34 I. 283. Civ. 29-10-1963 D. 64.
J. 467. note F. Boulanger : civ. 8-3-1966 J.C.P. 1966-II-14664 Concl. Concl. Lindon : civ. 29-10-1967 D. 68 j. 135 : civ. 3-2-1969 Bull. civ. I n°59, R.G.A.T. 1969 p.363 : civ. 12-I-1970 Bull. civ. I n°10 R.G.A.T. 1971 p.192 : civ. 27-I-1971 Bull.
Civ. I n°35, D. 71 Somm. 112.
[18] يراجع شكري الشيخ: الغلط كعيب للرضا، مذكرة للإحراز على شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص، كلية الحقوق بتونس 1985-1986، ص.39 وما يليها.
[19] تنص المادة 49 من ق.ل.ع. المغربي المطابقة للفصل 44 م.ا.ع. على أن ” الغلط في القانون يخول إبطال الالتزام: 1) إذا كان هو السبب الوحيد والأساسي، 2) إذا أمكن العذر عنه “.
[20] يراجع: طلبه وهبه خطاب الجهل بالقانون والغلط فيه، دراسة مقارنة، دار الفكر العربي 1979، أحمد حسن البرعي، نظرية الإلتزام في القانون المغربي، مصادر الإلتزام: 1) العقد ط.1 الدار البيضاء 1401-1981، ص.101 و102، محمود جمال الدين زكي الوجيز، في النظرية العامة للالتزامات مطبعة جامعة القاهرة، ط.3، 1978، رقم 74، ص.131، عبد الفتاح عبد الباقي، نظرية العقد والإرادة المنفردة 1984، رقم 853، ص.317.
Ridha ABBES, la connaissance de la loi en matière civile-mémoire D.E.A Tunis 1985-1986 p.146, A. WEILI et F. TERRE, droit civil les obligations précis Dalloz 4ème éd. 1986 n°177.
لكن يراجع محمّد المالقي، المرجع السابق، ص.44.
[21] يراجع:
Mohamed CHARFI : Introduction à l’étude du droit. Tunis C.E.R.P. 1983 n°23 p.29 et 30.
[22] القرار عدد 53867، الصادر في 20/10/1982، غير منشور ( وقع نقضه بالقرار التعقيبي المشار إليه الصادر في 23/01/1984.
[23] يراجع شكري الشيخ: المرجع السابق، ص.82.
Ridha ABBES, Mémoire précité p.117 et 118.
[24] يراجع في هذا المعنى عبد الرزاق أحمد السنهوري، المرجع السابق، رقم 365، ص.544، عبد المنعم فرج الصدة، مصادر الإلتزام، دار النهضة العربية، بيروت 1971، رقم 166، ص.228.
[25] ينص قانون الإلتزامات والعقود المغربي على أنه “لا يجوز الطعن في الصلح بسبب غلط في القانون” (المادة 1112) يراجع كذلك المادة 556 ق.م. مصري.
[26] يراجع حول أسس عدم إمكان الطعن في الصلح بسبب الغلط في القانون: ياسين محمّد يحيى عقد الصلح بين الشريعة الإسلامية والقانون المدني، دراسة مقارنة، دار الفكر العربي 1978، رقم 11. وما يليه، ص.252، وما يليها: شكري الشيخ، المرجع السابق. ص.60 وما يليها.
[27] يراجع في نفس الإتجاه:
Crim. 28-10-1976 Gaz Pal. 1977-1- p.68.
[28] يراجع في هذا المعنى:
L. BOYER, op. cit., p.156 et 157.
[29] يراجع بعض الأمثلة في مؤلف.
[30] يراجع عبد الرزاق أحمد السنهوري، المرجع السابق، رقم 365، ص.545:
P. Bouzat, note précitée. Louis Boyer, op. cit., p.158 ; Ph le Tourneau, op. cit., n°908 p.302 ; H et L.
Mazeaud et A. Tune : traité théorique et pratique de la resp. civ. delict. et contract. 6ème éd. 1965 n°227 et 287.
[31] يراجع:
Civ. 29-7-1901 D. 1902 I-297 Civ. 12-12-1963 précité.
Civ. 21-2-1979 Bull. Civ. I n° 72 p.58 et 59.
[32] يراجع في هذا المعنى:
René Savalier cours de droit civil précité p.452 : crim. 29-2-1968, R.G.A.T. 1969 p.35.
[33] يراجع الفصل 32 من التشريع المشار إليه (الصادر في 05/07/1985).
[34] يراجع الفصل 563 م.ا.ع.
[35] يراجع على سبيل المثال: المادة 120 من القانون المدني المصري، المادة 82 من القانون المدني الجزائري، المادة 355 من القانون المدني العراقي، الصادر سنة 1984.
[36] يراجع شكري الشيخ المرجع السابق، ص. 80 وما يليها :
Bel Hadj Hamouda Ajmi : cours de droit civil les obligations Fasc. 1- Le contrat Tunis 1984-1985 (polycipié), p. 72, Ridha Abbès, mémoire précité, p. 126.
[37] يراجع أحمد حسن البرعي المرجع السابق ، ص. 110 و 111 .
[38] يراجع الفصل 44 م. ا. ع. – وحول علاقة هذا الفصل بالفصل 545 م. ا. ع. يراجع :
Ridha ABBES, mémoire précité, p. 115 et Mohamed CHARFI, op.cit. n° 269 à 301.
[39] يراجع عبد الرزاق أحمد السنهوري ، ” مصادر الحق في الفقه الإسلامي، ج I ، دار الهنا للصناعة والنشر 1954 ، ص. 152 وما يليها، أحمد فراج حسين ، الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية، الدار الجامعية، بيروت 1986 ، ص. 295 ، طلبة وهبة خطاب، المرجع السابق، رقم 72 ، ص. 65 .
[40] يراجع شكري الشيخ، المرجع السابق، ص. 30 وما يليها : عبد الحي حجازي، النظرية العامة للالتزام وفقا للقانون الكويتي: دراسة مقارنة، مطبوعات جامعة الكويت، ج I ، المجلد الأول 1402 – 1982 ، رقم 777، ص. 1029 و 1930 .
Bel Hadj Hammouda Ajmi : Cours précité, p. 77 et 78 ; Ridha Abbès, mém. Précité, p. 117 : Jacques GHESTIN, la notion d’erreur en droit positif actuel, Thèse LGDJ, Paris 1971, p. 146 et s. ; A. Weil et F. Terré, op.cit., n° 174, p. 184 et 185 ; Christian LARROUMET, droit civil les obligations 1er partie, T. III Economica, Paris 1986, n° 355, p. 296.
[41] يراجع أحمد حسن البرعي، المرجع السابق، ص. 111 ، عبد الحي حجازي، المرجع السابق، رقم 779 ، ص. 1030 .
Ridha ABBES , mémoire précité, p. 126 .
[42] يراجع :
Rep. Civ. V. Transaction, précité, n° 169.
[43] تعقيب مدني 6028 في 17 جوان 1982 ، النشرية ج. 3 ، ص. 207 ، المجلة العربية للفقه والقضاء 1986 ، ع. 3 ، ص. 381 .
علي الجلولي
أستاذ مساعد بكلية الحقوق
والعلوم السياسية بتونس